عدد كبير من المواد الكيميائية المستخدمة في حياتنا اليومية مثل المواد بلاستيكية والأصباغ وحتى الكثير من الأدوية، يتم تصنيعها من مستخرجات النفط. لكن قطاع الصناعات الكيماوية يعمل الآن على استبدال النفط بالنباتات كمصدر للمواد الخام، فالإيثانول والديزل النباتي يتم استخراجهما بعمليات كيميائية من نشا النباتات وزيوتها. لكن النشا والزيوت لا تشكل سوى واحد بالمائة من الكتلة الحيوية للنباتات، ولذلك يسعى الباحثون الآن إلى إيجاد تقنيات حديثة للاستفادة ببقية المواد النباتية التي يمكن استخدامها في إنتاج الكيماويات.
التبن والقش قد تصبح مواد خام
ويرى البروفسور فيبرين دي يونج، من الجامعة التقنية في هولندا، أن التبن والقش والعسل الأسود والدقيق المنتج من الصويا يمكن أن تصبح في المستقبل مواد خام لإنتاج الكيماويات. ويوضح دي يونج أن الكتلة الحيوية للنباتات تتكون من ثلاثة أجزاء رئيسية: السليلوز، وهي المادة التي يصنع منها الورق، ومادة الليغنين الصمغية، والمادة الثالثة هي مادة الهيميسليلوز الموجودة في جدار الخلية النباتية. ويركز العالم الهولندي أبحاثه على هذا الجزء الثالث من مكونات النبات، لأنه يرى أن هذه المادة التي تمثل ثلث الكتلة الحيوية النباتية، لم تحظ باهتمام كاف من العلماء، الذين يركزون جهودهم في استخراج النشا والزيوت النباتية لإنتاج الإيثانول النباتي.
الهيميسيليولوز والسليولوز يوجدان في جدار الخلية كما يوجد شبه في الجزيئات الخاصة بهما، إلا أن جزيئات الهيميسليولوز لا تتكون من النشا، بل من عنصر آخر يطلق عليه اسم فورفورال، وهو عبارة عن سائل أصفر اللون في حالته الطبيعة ويستعمل كزيوت الآلات للتقليل من الاحتكاك. ويرى البروفسور دي يونج، أن هذه المادة التي كانت تستخدم حتى الستينات في إنتاج النايلون، تعد مادة واعدة وذات استخدامات كثيرة محتملة لإنتاج اللدائن مثلاً.
البحث عن وقود المستقبل
وقد كانت مادة الفورفورال تستخدم لإنتاج جوارب النايلون المصنوعة من مادة الفورفورال المشتقة من النباتات، لكن الأمر لم يكن مجدياً اقتصادياً. إلا أن الباحث الهولندي يرى أن بالإمكان استخدام مادة الفورفورال في إنتاج وقود السيارات مثلاً، خاصة في ظل تناقص احتياطي النفط في العالم، والحاجة الماسة لإيجاد بدائل من الطاقات المتجددة.
من ناحية أخرى، وجد العلماء أن خلط الفورفورال مع الهيدروجين يؤدي إلى تفاعل كيميائي ينتج عنه مادة جديدة يطلق عليها ميثيل تيترا هيدروفوران أو MTHF، وهي مادة قد ينتج عنها وقود جديد للمستقبل إذا ما خلطت مع مادة الإيثانول حسبما يؤكد البروفسور دي يونج، مشيراً إلى أن الأمريكيين قد حققوا تقدماً كبيراً في هذا المضمار.
وعلى عكس الايثانول والديزل المستخرجين من النباتات، لن يتم استخراج هذا الوقود الجديد من الزيت أو النشا اللذيْن يستهلكهما الإنسان أيضاً، وإنما من جدران خلايا النباتات والتي لا تدخل في المكونات الغذائية للإنسان: فمعدة الإنسان لا تستطيع هضم الهيميسيليلوز. يضاف إلى ذلك سهولة الحصول على مادة الفورفورال، إذ يكفي خلط الكتلة النباتية بالأحماض وتسخينها، وهو أمر يتم بالفعل حالياً في بعض الدول بشكل صناعي مثل الهند واستراليا وجنوب أفريقيا.
الكاتب: هيلموت نوردفيج/عبد الرحمن عثمان
مراجعة: سمر كرم
عن دويتشه فيليه